كشفت دراسة علمية حديثة أن مستوى الاهتمام الذي يتلقاه الأفراد يختلف بشكل كبير بناءً على الجنس، حيث يُولي الناس اهتماماً أقل بوضوح عندما تكون النساء متعبات، مقارنةً بالرجال.
ووجدت دراسة أجراها علماء وكالة ناسا، أنه غالباً ما يتم التقليل من تقدير تعب النساء، في حين المبالغة بشكل كبير في تقدير تعب الرجال، وفق “دايلي ميل”.
ويشير العلماء إلى أن السبب قد يعود إلى ميل النساء لبذل جهد أكبر للحفاظ على مظهر اجتماعي لائق حتى في حالات الإرهاق، بينما يميل الرجال إلى إظهار التعب بشكل أوضح، حيث يكونون أقل انتباهاً وأقل تعبيراً أثناء المحادثات.
ويؤكد الباحثون أن فهم هذه الفروق له أهمية بالغة، خاصة عند مراقبة أداء رواد الفضاء خلال رحلات الفضاء.
ويُعتقد أن أكثر من نصف حوادث الفضاء والطيران ناجمة عن التعب، مما يعني أن التقييم الدقيق لمدى تعب شخص ما قد ينقذ حياته.
ويقول المؤلف الرئيسي الدكتور مورغان ستوسيتش من مركز جونسون الفضائي التابع لوكالة ناسا في هيوستن: “بشكل عام، كان الملاحظون يقللون من تقدير مقدار التعب، الذي أبلغت عنه النساء أنفسهن، لكنهم كانوا يبالغون في تقدير مقدار التعب الذي أبلغ عنه الرجال”.
وفي مهام الفضاء، يعمل رواد الفضاء من الذكور والإناث أياماً طويلة ومجهدة في بيئات عالية الضغط، وهذا يعني أن إدارة التعب تشكل مصدر قلق دائم لوكالات الفضاء مثل وكالة ناسا، التي تحتاج إلى أن يعمل طاقمها بأعلى أداء، وأراد الدكتور ستوسيتش تطوير طريقة لتقدير التعب بناءً على الإشارات غير اللفظية فقط مثل لغة الجسد.
وطُلب من المتطوعين من الذكور والإناث إجراء محادثة لمدة 5 دقائق مع شخص غريب ثم تقييم مستوى التعب الذي يشعرون به في ذلك الوقت.
وتم قياس تعبهم على مقياس يتراوح من الصفر، أي عدم التعب على الإطلاق، إلى 10، أي الإرهاق قدر الإمكان، ثم شاهدت مجموعة منفصلة من 71 مشاركاً مقاطع فيديو لتلك المحادثات مع كتم الصوت وقيموا مدى تعب كل من المتحدثين في ذلك الوقت.
وبينما لم يجد ستوسيتش أي صلة بين الإشارات غير اللفظية والتعب المبلغ عنه ذاتياً، فقد وجد بعض الاختلافات الكبيرة بين الجنسين، فعلى الرغم من أن النساء أبلغن عن شعورهن بمزيد من التعب، إلا أن المراقبين قللوا من تقدير مدى شعور النساء بالتعب بمقدار 1.3 نقطة في المتوسط.
لماذا لا يلاحظ الناس أن النساء متعبات؟
يميل المراقبون إلى التقليل من تقدير مدى إرهاق النساء، ويقترح الخبراء أن هذا قد يكون بسبب الاختلافات في كيفية أداء الرجال والنساء في المواقف الاجتماعية.
فحتى عندما تكون النساء متعبات، تبذلن جهداً أكبر للانتباه، وتميل النساء إلى استخدام المزيد من التواصل البصري المباشر، بالإضافة إلى لغة الجسد التي تبدو متيقظة.
ومن ناحية أخرى، لا يبذل الرجال الكثير من الجهد عندما يكونون متعبين، وهذا يعني أن المراقبين يفترضون أن النساء أقل تعباً وأن الرجال أكثر تعباً مما هم عليه في الواقع.
وفي الوقت نفسه، صنف المراقبون تعب الرجال على أنه أعلى بنحو 0.9 نقطة، مما ذكره الرجال أنفسهم.
ويعتقد الدكتور ستوسيتش أن هذا قد يكون مرتبطاً بمدى الجهد الذي يبذله الرجال والنساء ليكونوا اجتماعيين عندما يكونون متعبين.
ومن خلال تتبع لغة جسد المشاركين، وجد الباحثون أن النساء يملن إلى التصرف بطريقة تجعلهن يبدو أكثر انتباهاً، مثل إجراء اتصال بصري مباشر أكثر.
وبينما لم يكن هذا مقياساً جيداً لمدى تعب المشارك بالفعل، فقد أخطأ المراقبون في فهم هذه الإيماءات على أنها علامات حقيقية على اليقظة، وقال الدكتور ستوسيتش لصحيفة التايمز: “كان المراقبون يستخدمون هذه السلوكيات كإشارة للاعتقاد بأن النساء أقل تعباً، وتتوافق هذه النتائج مع مجموعة متنامية من الأبحاث التي تشير إلى أن الاهتمام أقل بكثير بعدم راحة النساء”.
وفي دراسة سابقة، وضع الدكتور ستوسيتش عاصبة على الذراعين العلويتين للمشاركين وطلب منهم القيام بتمارين قبضة اليد لإحداث الألم، على الرغم من عدم ارتياحهم، كان المراقبون باستمرار تحت تأثير فكرة مشابهة، فقدروا مقدار الألم الذي تشعر به النساء أقل، وبالغوا في تقدير الألم الذي يشعر به الرجال.
حتى في الطب
ووجدت دراسات أخرى أن آلام النساء لا تؤخذ على محمل الجد في كثير من الأحيان، حتى في البيئات الطبية.
ووجدت إحدى الدراسات التي أجراها باحثون في جامعة ميامي أن التوقع بأن تكون النساء أكثر تعبيراً دفع المراقبين إلى التقليل من أهمية العلامات الواضحة للإصابة، على نحو مماثل، وجدت دراسة نُشرت العام الماضي أن المريضات أقل احتمالاً للحصول على العلاج الصحيح في غرفة الطوارئ لأنه يُنظر إليهن على أنهن “هستيريات ومبالغات”.
وأظهر تحليل لأكثر من 21000 مريض، أن المرضى الإناث أقل عرضة لوصف مسكنات الألم وأكثر عرضة لتجاهل أعراضهم.
على النقيض من ذلك، فإن الرجال أكثر عرضة لوصف مسكنات الألم أو مضادات الاكتئاب وأكثر عرضة لطلب إجراء فحوصات معملية للمشاكل المحتملة.
[ إدارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي ]