الاقتصاد

أزمة روسيا الاقتصادية.. بوابة لحل دبلوماسي في أوكرانيا



رأى الزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة صمويل راماني أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا تملك بصيص أمل للنجاح.


الطريق إلى السلام قد يمر فعلاً عبر سياسته في مجال الطاقة

وكتب راماني في صحيفة “ذا تلغراف” البريطانية أن ترامب يواصل الدفع قدماً بخطته للسلام في أوكرانيا، فبعد التحدث مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الأربعاء، أطلق الرئيس الأمريكي مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا.

وعلى مدى الساعات الماضية، تدفق المسؤولون الأمريكيون والروس إلى الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، لمناقشة آفاق السلام في أوكرانيا.

قلق مفهوم… لكن الأمل هنا

وأثار استبعاد ترامب لأوكرانيا وأوروبا من مفاوضات الرياض غضب منتقديه، وأدى رفض وزير الدفاع بيت هيغسيث إمكانات أوكرانيا باستعادة حدودها السيادية واستعداده لسحب انضمام أوكرانيا للناتو من على الطاولة، إلى تفاقم هذا الغضب.

وزعم مستشار الأمن القومي السابق لترامب جون بولتون أن هذه التنازلات تعادل الاستسلام لبوتين، في حين أن قلق أوروبا وأوكرانيا إزاء نهج ترامب في التعامل مع الدبلوماسية الأمريكية الروسية أمر مفهوم، فقد يكون هناك بصيص أمل. 

والخسائر الفادحة التي تكبدتها روسيا في ساحة المعركة واقتصاد الحرب المتعثر، يؤسسان نافذة فرصة لإجراء مفاوضات فعالة، إذا أضعف ترامب الاقتصاد الروسي أكثر من خلال تكثيف إنتاج الغاز الصخري الأمريكي وخفض أسعار الطاقة، لا يكون أمام بوتين خيار سوى تسوية حرب يعتبرها وجودية.

لماذا قد يكون هذا السيناريو معقولاً؟

في الأسبوع الماضي، قام البنك المركزي الروسي بمراجعة توقعاته للتضخم لسنة 2025 صعوداً مما بين 4.5 و5% إلى ما بين 7 و8%.

ويبلغ معدل التضخم الحالي 9.9% وترتفع تكاليف السلع الاستهلاكية الأساسية في المدن الكبرى بوتيرة أسرع بكثير.

وبما أن أسعار الفائدة في روسيا تبلغ بالفعل 21% والبنك المركزي غير راغب في رفعها أكثر لمكافحة التضخم، تبدو أزمة تكاليف المعيشة الشديدة حتمية.

ومن شأن هذه الأزمة أن تدمر نوعية حياة ثلثي الروس الذين يكسبون أقل من 415 دولاراً في الشهر وتزيد من حدة الفجوة بين الأغنياء والفقراء في روسيا. كما أن من شأن ذلك زيادة عزلة المناطق التي تقطنها أقليات عرقية في روسيا، والتي عانت من أسوأ وطأة تجنيد إجباري وتعرضت للتدمير بسبب تكتيكات الموجات البشرية على الخطوط الأمامية. 

وأضاف راماني أن موجات التجنيد المتكررة أسست نقصاً حاداً في العمالة في قطاعات رئيسية من الاقتصاد الروسي.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، قدر الكرملين أن روسيا تحتاج إلى 2.4 مليون عامل إضافي في مجالات التصنيع والنقل والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والبحث العلمي بحلول سنة 2030.

والحرب الدائمة في أوكرانيا تجعل من المستحيل على روسيا سد هذه الفجوات في قوتها العاملة وقد تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي طويل الأمد.

ماذا عن قطاع الطاقة؟

حتى مع ارتفاع أسعار النفط بالمقارنة مع مستويات ما قبل سنة 2022، يبقى قطاع الطاقة الروسي في أزمة. وبسبب تراجع المبيعات الأوروبية وهجمات الطائرات بدون طيار الأوكرانية على البنية الأساسية لخطوط الأنابيب، سجلت شركة غازبروم خسارة قدرها 6.9 مليار دولار سنة 2023.

وكانت هذه أول خسارة سنوية لها منذ ذروة أزمة الروبل سنة 1999.

ومع مواجهة الدول الأوروبية بشكل أكثر عدوانية للأسطول الروسي الشبحي الذي يصدر النفط بشكل غير مشروع فوق سقف سعر مجموعة السبع البالغ 60 دولاراً، ومع زيادة إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة، قد تجد آلة الحرب الروسية نفسها فقيرة بالسيولة النقدية في نهاية المطاف.

الطريق إلى السلام يمر من هنا

بالرغم من هذه المؤشرات الاقتصادية الكلية السلبية، لا يزال بوتين يعتقد أنه قادر على الصمود في مواجهة نقص القوى البشرية في أوكرانيا والدعم الغربي المتعثر لها.

وتوفر نسبة الدين المنخفض إلى الناتج المحلي الإجمالي في روسيا وقدرة اقتصادها على تحمل العقوبات غير المسبوقة مساعدة موقتة لبوتين.

ومع ذلك، إن اقتصاد الحرب في روسيا عبارة عن فقاعة تنتظر الانفجار. لا يريد بوتين المخاطرة بردود فعل اجتماعية واقتصادية قد تصاحب انفجارها وقد يقدم تنازلات غير مستساغة في أوكرانيا لمنع هذه النتيجة.

وتحتل تعليقات ترامب بشأن أوكرانيا عناوين الصحف العالمية، لكن الطريق إلى السلام قد يمر فعلاً عبر سياسته في مجال الطاقة وفق الكاتب.


المصدر : إضغط هنا


[ إدارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي ]

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى